الإخوة والأخوات الكرام
عشنا الحلقة السابقة في حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة مع : رضاعته عليه الصلاة والسلام في بني سعد ، ووفاة السيدة آمنة .
واليوم بمشيئة الله نكم المسير .
*وفاة عبد المطلب
لم يكد هذا اليتيم الكريم يهنأ بكفالة جده سوى عامين فلد تقدمت سن عبد المطلب فتُوفيَ بعد أن أوصى ابنه ( أبا طالب )بكفالة حفيده من بعده ، وكان صلى الله عليه وسلم يومئذٍ في العام الثامن من عمره ، فنهض أبو طالب بكفالة ورعاية إبن أخيه الشقيق (عبد الله ) ، فضم محمداً إلى أولاده وكان يقدمه عليهم ويختصه بموفور عطفه وإعزازه ، ويحنو عليه .
وعاش عليه الصلاة والسلام بين أبناء عمه حتى بلغ الثالثة عشرة ، وقد قرر أبو طالب يومئذٍ القيام برحلة تجارية إلى الشام ، فتعلق به ، وأصر على الخروج معه ، ومشاركته في هذا العمل ، فاستجاب لمطلبه واصطحبه معه ، فكانت هذه أول رحلة عمل يقوم بها .
وفي أثنائها يذكر المؤرخون قصة الراهب ( بحيرا ) ، الذي لقيَ أبا طالب وابن أخيه في مدينة ( بصرى ) بالشام ، وتفرس في وجه محمد ورأى بين كتفيه إحدى علامات النبوة ، كما قرأعنها في الإنجيل ، ونصح أبا طالب بالعودة فوراً ، حتى لا يقع إبن أخيه في يد اليهود فيقتلوه ، فعاد أبو طالب ومحمد دون أن يكملا الرحلة .
* اشتغاله برعي الغنم
لقد كان أبو طالب قليل المال ، كثير العيال ، لذلك عزم محمد ألا يكون عبئاً زائداً على عمه ، فاشتغل برعي الغنم ليسلعده بأجره الزهيد عن هذا العمل ، الذي لم تكن مهنة تزري بصاحبها ، أو تسئ إلى مكانته بين القوم ، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليتحدث فيما بعد باعتزاز عن رعيه الغنم ، ويقول : " ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم " فقال أصحابه: وأنت يا رسول الله ؟ فقال: " نعم كنت أرعاها على قراريت لأهل مكة " . ( ابن سعد:الطبقات 1/1/80-81 )
لقد اكتسب محمد في هذه الحرفة مزايا عظيمة ، في تربية النفس ، وتقويم السلوك ، والقدرة على سياسة الرعية ، التي هي أقرب شبهاً بأحوال الغنم ، التي منها القوي المعتدي على حق الغير ، والضعيف المغلوب على أمره ، ويذكر المؤرخون أن (محمداً ) أنفق بضع عشرة سنة في رعي الغنم ، حتى بلغ الرابعة والعشرين من عمره ، حيث بدأ يتاجر للسيدة خديجة بنت خويلد .
* زواجه بالسيدة خديجة
أما أهم المناسبات في حياة ( محمد ) قبل بعثته ، فهي زواجه بالسيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ، وكانت تمتاز بين نساء مكة بالشرف ، والجمال والثروة ، والعقل المستنير وحسن التدبير .
وقد بدأت صلتها بمحمد كما يقول المؤرخون هكذا : كانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم منه ، فلما بلغها عن ( محمد ) صدق الحديث ، وعظم الأمانة ،وكرم الأخلاق ، أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشام تاجراً ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره ، ومعه غلامها ميسرة ، فقبل ( محمد ) وخرج إلى الشام مع ميسرة ، وكانت رحلة موفقة ناجحة ، ربح فيها محمد أكثر من غيره ، فسرت خديجة من هذه النتيجة الطيبة ، وتضاعف إعجابها بشخصية محمد ، ووجدت فيه الرجل الكفء الذي تبحث عنه لتقترن به مطمئنة قريرة العين ، فتحدثت برغبتها في الزواج منه إلى صديقتها ( نفيسة بنت منية ) ، التي أسرعت إلى ( محمد ) تعرض عليه رغبة خديجة ، فوافق مُرحباً ، وتم هذا الزواج المبارك الموفق ، وكان صلى الله عليه وسلم يومئذٍ في الخامسة والعشرين ، بينما كانت خديجة في الأربعين ، ولكنها كانت خير زوج لأفضل رجل .
فلقد أنجبت له أولاده جميعاً سوى ( إبراهيم ) الذي ولدته مارية القبطية ، وظل هذا الزواج موصولاً مباركاً موفقاً حت انتقلت إلى جوار ربها راضية مرضيه ، ولم يتزوج النبي بغيرها في حياتها ، وظل عظيم الوفاء لذكراها ، يثني عليها بما هي أهل له من النبل والطهر ، فرضي الله عنها وأرضاها .
الأحبة في الله
أرجو أن أكون قد وُفقت في سرد القليل القليل من حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ، تقبل الله منا ومنكم سائر الأعمال .
اللهم ارزقنا محبتك ، وأنعم علينا بالنظر إلى وجهك الكريم ، في جنات النعيم ، وصحبة النبي الهادي الأمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مع خالص تحياتي وتقديري
مع خالص تحياتي وتقديري