منتدى شباب الحصة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى شباب الحصة

كل ما تتمناة وأكثر


2 مشترك

    عاش الرئيس عبدالمتعال

    avatar
    الفك المفترس
    عضو
    عضو


    عدد الرسائل : 68
    العمر : 44
    البلد : حصة شبشير
    تاريخ التسجيل : 30/03/2008

    عاش الرئيس عبدالمتعال Empty عاش الرئيس عبدالمتعال

    مُساهمة من طرف الفك المفترس الأربعاء مايو 07, 2008 8:42 pm

    عاش الرئيس أبو اليزيد عبد المتعال



    عاش الرئيس أبو اليزيد عبد المتعال

    انقلاب! ما أن قلت كعادتي: أفندم! حتى قذفني بها في الوجه مباشرة، كمن يلقي بقنبلة يدوية على مريض ما يزال يُخَترف تحت تأثير البنج. التزامي بالصمت هو الذي استفزه ـعلى ما يبدوـ ليضيف باستهجان: إنـت لسـة نايم؟ همهمـت: أنـا مـش قــايل لــك ـبـدل المـرة ألفـ بلاش تتصـل بـدري كده؟ مـا باحــبش يـا أخــي أصـحـا على صــوت جــرس التليفون. باتشائم! صــعــبة دي؟
    هـو: يادي النيلة! باقــول لــك انقلاب!
    أنا: فـين المرَّادي يـا هل تـرى؟
    هـو: مـاهـو لو في السويد، استحــالة كــنـت اكــلمــك في ســاعــة زي دي!
    إعادة السماعة إلى مكانها بدت لي مهمة في غاية التعقيد. أطاحت يدي بالمــنبه الذي أتعمد تأخـيره دائماً، فثأر لكرامته بـأن ظل يتدحرج حتى استقر هناك تحت التسريحة، بينما هو لا يتوقف عن الصراخ، كما لو أنه يخضع لوصلة تعذيب مكثفة. كان قاسياً في انتقامه. منظر الأعقاب في الطقطوقة أثبت لي ـبما لا يدع مجالاً للشكـ أن ما دخـنته في الليلة الماضية يتجاوز المعدل الطبيعـي بما لا يقل عن نصف علبة.
    لا أدري لماذا خيل إلي أن الرجل المِهـكـع الذي اختفى من زمان، قفز فجأة من قاع ذاكرتي، ليمرق ـبجلبابه المبقعـ في الشارع مرة أخرى كالشبح، منادياً بتلك الطريقة المنغمة: أصــلـح وابور الجاز! فكـرت في أن أقطع ـبطريقة ماـ التيار الكهربائي عـن الأسـانسـيرات، وأن أشاور له حتى يصعـد الأربعة عشر طابقاً على رجليه: بوابير جاز إيه دي يا راجل يـا مــلدوع اللي بسـلامتك عايز تصــلحــها دلوقت؟ إنت اتهبشت فـي نافوخك؟ وقد أمـسك في خناقه أيضاً. لكنني بدلاً من ذلك، ظللت ـأثناء التحرك من غرفة النوم إلى المكتب أو بالعكسـ أقلده بصوت مرتفع، وعلى نفس النغمــة ما أمكن: أصــلـح وابور الجاز!
    للمرة المائة، حـاولت الاتصال بأحـد من أصدقائي في حركات التغيير. كانت جمـيع الخطوط معطلة، بما في ذلك تليفون جــارتي المــرشدة الســياحية ذات الشـعر الفضي. بدت قـلقـة لأن الفـوج اليـاباني الذي من المفترض أن ترافقه تاه في زحام القاهرة. انشقت الأرض لتبتلعه كما لو كان إبـرة في كومة قش. وعلى أساس أنني المـواطن الوحـيد بين كـل من أعرف الذي ليس لديه موبايل، فلقـد اكتفـيت مؤقتاً بوضع براد الشاي على النار.
    التجول بين القنوات كان الحل الوحيد أمامي. على الأقل إلى أن أفهم. مراسلو قطاع الأخــبار بالتليفزيون المصري في تغطية مفتوحة، ينقلون عـلى الهواء مباشرة الأفـراح التي أقيمت في مقار الحـزب الوطــني بعواصم المــحافظات تحت إشراف أجهزة الأمن. أصابعي تتسابق في التعامل مع الريمـوت كونترول. الضغط المتسارع على الأزرار، لا إشعـال السجائر كالمعتاد، أصبح هو مهمتها الأولى. فاتن حمامة تسأل استيفان روستي في سيدة القصر: إنـت بتشـتغل إيـه بالظبط؟ فيتراجع ثـلاث خطوات قصيرة إلى الخلف، بينما هو يهز كتفيه قائلاً: مهندص. نطقها بالصاد. عـلي الدين هــلال يؤكد لحــسين عــبد الغـني، مدير مكتب الجــزيرة بالقاهرة أن كــل تاريخــه السياسي منذ منظمة الشباب حتى هذه اللحظة، كان نضالاً لا يعرف الهوادة أو المساومة لكي تتحقق هذه الخطوة العملاقة: شعب مصر من حقه أن يفخر برجاله الأوفياء. قالها بنفس تلك الثقة التي ميزت تصريحاته منذ صــفر المونديال، غامزاً بطـرف عينه إلى الكاميرا. ســعــد الصــغــير يغني: حـمـرا يـا قوطة. لا يوجد ما يستحق أن أتوقف عنده أكثـر من دقيقتين على أحسن الفروض. المعارض اليساري المخضرم انهمك في الحديث مع صحفية من بلغاريا عن ضرورة المواءمة السياسية. حتى صداماته فـي الماضي، كانت عــبـارة عن مواءمات مع أطــراف أخرى، راهن عليها في حينه. سالم الإخشيدي الذي لعب دوره باقتدار أحمد توفيق، راح يفتش عن الطريقة المناسبة ليشرح إلى حمدي أحمد أو محجوب عــبد الدايـم طـبيعة المــسئوليات التي تتطلبها وظيفته الجديدة. لأول مرة لا يتشاجر الضيوف في الاتجاه المعاكس. يوسف بطرس غالي اتفق تماماً مــع بـتـاع الصــحــة وعــبد الأحـد جــمـال الدين على أن ما حـدث هو المعجزة التي طالما انتظروها. كانوا في قمة التهذيب. لا أحد اتهم الآخر بالتربح أو استغلال النفوذ أو الرشوة أو الاختلاس أو الفساد أو التمسح بأحذية الحكام في كـل العصور. فيصل القاسم كان متضايقاً لأن الحـوار مـش ملهلب كما يتمنى. فتيات يغادرن السرير أو يؤدين التمارين الرياضية أو يتمشين مرحات ضمن إعلان عن الفوط الصحية.
    بالليل، سألني كـحكـوح الجـن الذي أقف أمام كشكه ـبصفة يومية تقريباًـ منذ عشرين عاماً أو أكثر: إيـه اللي بيجــرى فـي الـبــلـد ده سـيادتك يـا باشا! الدنـيـا اتشقلب حــالهـا فـي غـمـضـة عين! قلت، بينما أنا أدفع الأربعين جنيهاً ثمـن الجرائد المحلية أو الأجنبية التي استطعت ـوسط غــابة الأذرع المـمـدودةـ أن أنتزعها قبل أن تنفد: أنـا مـش باشا يـا جــن. عمري مـا كنت. فأعاد السؤال بنفس الصياغة مكتفياً بحذف اللقب. لكنه في المقابل كرر كـلمــة: سـيادتك من غــير لزوم ثلاث مــرات على الأقل. تمتمـت: قــال يـا خــبر بفــلوس! الرجل الجالس داخل الشــيروكــي الزرقــاء الميتاليك ينتظر نسخته من جميع الصحف المعروضة، علق مخــاطــباً البائع المــيت في جــلده من الرعب: حيكون إيـه يعني يـا كحكوح؟ انقــلاب عــسكــري زي اللي بنسـمــع عنهم في أفريقيا أو أسيا أو أمريكا الجنوبية. العــالم التالت كـــلـه كــده! النــاس تصـحـا الصــبـح تـلاقــي العـسـكـر باركين عـلى نفــســهم. التقط المــهــندس كمال خـليل الذي يهتف الجــمـيع خلفه في مظاهرات كـفاية الخـيط قائلاً: الحـاجـات دي مـمـكـن تحـصـل لمــا الشــعــوب تصــبر عــلى الحــاكــم اللي كابس على مراوحهــا بالغصب، لغــاية مـا يقــدد عــلى الكــرســي، فــأي حـد مــعــدي بنجــمــتين، يــروح نافــخ فــيه مطــيره وقــاعــد مـطـرحـه. حـييته برأسي لأن يديه كانتا مشغولتين بتستيف كــتب مركــز الدراســات الاشــتراكية في مكان بارز على الفَرشة. تدخلت السيدة العجوز ذات الوجــه الفـرعـوني المــريح التي تتمشى مع كلبها في هذا الشارع كــل مســاء دون انقطاع: طـب يـا ريت بس يبقــى زي بـتـاع موريتانيا!
    وعلى بعــد مائدتين من الباب الزجاجي بالكــافـتريا التي كـوب الشـاي فيها بخمسة جنيهات، قـرأت على صدر الصفحة الأولى بأهرام الغد: المـقـدم أبو اليزيد عبد المتعال رئيساً مؤقتاً بالتزكية. قادة الأسلحة انتخبوه بالإجماع. الفــتـرة الانتقـالية لن تستمر يوماً واحداً بعد 2012. المفتي: خلع الحاكم المســتبد فــرض عــين على كـل مسلم. الفنانات بالزي العسكري في الشارع مع الجــماهير احتفالاً بالحركة المباركة. الرائد شــوقــي محمدين يحذر: مجلس قـيادة الثـورة سيضرب بيد من حديد كــل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر. أبو الغيط لوكالات الأنباء: سياستنا الخارجية جعلت منا أضـحوكة بين الدول. حان الوقت لتسترد مصر دورها الريادي. لجنة السـياسـات ترشح مدير نادي الضــباط بالجلاء أميناً عاماً لها. المجموعة الاقتصادية في بيانها إلى الأمة: إعادة شراء القطاع العام هدفنا القادم. نظــيـف يعانق المــلازم أول تامــر عـبد النبي مؤكداً: أنا الذي أحبطـت مؤامرة التوريث. ســرور على رأس مسيرة مجلسَي الشعب والشورى التي تتجه اليوم نحو مركــز القـيادة لتأييد الثورة. مذيعات التليفزيون أطلقن الزغاريد أثناء نشرات الأخبار. بعضهن عبر عن الفرحة بالرقص عــشــرة بلدي على الهواء مباشرة. زقزوق لشباب الأئمة المعينين حديثاً: الأوقاف لن تعترض إذا دعا خطباء الجمعة على الظالمين من على المنابر. الشــاذلي يطالب بفتح ملفات الفساد. حسن صقر يهدي الفوز بكأس أفريقيا السنة القادمة إلى الرئيس المنقذ أبو اليزيد عبد المتعال. محافظ القاهرة عبد الرحيم شحاتة لراديو لندن: لا زبالة بعد اليوم. أنـس الفقي في مــؤتمــر حمــاســي ضم العاملين بماسبيرو: جاهزون بمئات الأناشــيد التي أبدعها كبار الشعراء والملحنين من وحي اللحظة الخالدة. نواب التجنيد على استعداد للبدء في أداء الخدمة العسكرية من الغد. مرتضى مــنصــور من محــبسه في مزرعة ليمان طرة: انتهى عصر الهـيمـنة الأهلاوية. الإخوان يخرجون بالآلاف من المساجد رافعين المـصـاحف والسيوف، وهم يهتفون: بالروح! بالدم! نفديك يا أبا اليزيد! رؤساء تحرير الصحف القومية يغنون خلف النقــيب طه الســيد: دقــت سـاعــة العـمل الـثــوري! عائشة عبد الهادي تعلن: عـشـرات الآلاف من الخادمات المصريات في السعودية يبايعن الرئيس عبد المتعال. فاروق حسني في افتتاح معرضه السنوي بدار الأوبرا: ثقافة تأليه الدكتاتور أو الطرمخــة على الجرائم لا مكان لها بيننا من الآن فصاعداً. آثارنا التي تم تهريبها بأوامر عليا لا بد أن تعود. الصــباحي باسم جماهير حــزب الأمـة: طربوشي سأتشرف أنا شخصياً بإلقائه تحـت قـدمَي القائد الملهم. العــادلي يفضح الممارسات القمعية في العهد البائد: لولاي لكان مـصير متظاهري كــفـاية الحـصــد في وضح النهار بالرشاشات. تحت يدي ما يثبت أن كــل القيادات كانت من المختلين عقلياً. مفيد شهاب: حماية الجيش لمصر من الأخطار الخارجية أو الداخــلية جــائز دستورياً. ومع صورة كبيرة بالألوان في صفحة الحوادث: أقطاب المعــارضة من جميع ألوان الطيف السياسي يتبادلون الشـلاليت في الطريق إلى الهايكستب، ليهنئوا الشـعب المـصري من هناك على زعامته الجديدة.
    بينما أنا عــائـد إلى البيت آخــر السهرة، اعترض طريقي في الظلام أبـو رجــل مسلوخة، طالعاً من مغــلق الخشب الذي احترق في مـوسـم الجرد الماضي. عيناه تقدحان بالشرر كفوهتَي بركان. وعلى الجسد المشــعر كالغوريلا، التصقت كتل الذباب الميت بأكداس اللحم العاري تماماً من الجلد، كأنه غـافـل الحراس لتوه كي يهرب من المدبغة. كان بالضبط كما اعتـدت أن أراه طفلاً في الكوابيس. استجمعـت شجاعتي لأقول: أنا المفروض خلاص مـا بقــيـتش صــغــير. إنـت بأي حــق بتطــلع لي لحــد دلوقت؟ أخذ يسير في اتجاهي ببطء متأرجحاً على ساقه المتورمة التي تقطر دماً بني اللون،وقد راح يغمغم بنبرة متوعدة: طــول ما انت بتخــاف تبقــى لسـة مـا كــبرتش!
    طاهر بدران
    طاهر بدران
    عضو
    عضو


    عدد الرسائل : 69
    العمر : 36
    البلد : حصة شبشير
    تاريخ التسجيل : 05/04/2008

    عاش الرئيس عبدالمتعال Empty رد: عاش الرئيس عبدالمتعال

    مُساهمة من طرف طاهر بدران الثلاثاء يونيو 24, 2008 12:44 pm

    بجد يا فك مش عارف ارود على هذا الموضوع لانة بصراحة موضوع اكثر من رائع وتستحق عليه درجة الامتياز

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 8:39 pm