البوابة
حزب سياسي بمرجعية أبي لهب
العنوان ليس فيه مبالغة ، فالنظام ـ وبصلف مدهش لا يحسد عليه ـ عندما وجد منع الأحزاب التي تقوم على أساس ديني أمراً مقبولاً ، حيث الأساس الديني يجعل الحزب المفترض لا يضم في صفوفه إلا المسلمين فقط أو الأقباط فقط ، وهو بالفعل ما يتعارض مع مبدأ المواطنة ، واكتشف النظام المتيبس أن لا أحد يأتي بذكر ما يسمى بالحزب الديني ، ولا يردد هذا المصطلح اللقيط إلا مرتزقة لجنة السياسات لصاحبها جمال مبارك وشركاه ـ جبر وكمال وسرايا والقط والدقاق وعبد السميع وموسى ... ـ تلك الأشكال التي تجبر أي شخص على التقيؤ حتى لو كان غير حامل .
ظل هؤلاء يطاردوننا في كل صحيفة وكل محطة أرضية وفضائية ويطلعون علينا من كل خرابة هم خربوها وقعدوا على تلها ليعطونا الدروس عن مخاطر الأحزاب الدينية وما ستسفر عنه من مصائب ستفقدنا المكتسبات الهائلة التي تحققت وتحتاج فقط لميكرسكوب إلكتروني للعثور عليها ، والكل يقول ويعيد ثم يكرر ويكرر : والله العظيم لا أحد يطالب بأحزاب دينية ، وأن طالبان ليست في مصر وولاية الفقيه لا تمت لنا بصلة وكنيسة العصور الوسطي كانت في العصور الوسطى في أرض أخرى تسمى أوروبا وهي ليست من ضمن محافظاتنا العامرة ، ولو أن هؤلاء المرتزقة يصمتون لحظة واحدة ويسمعوا لعرفوا أنهم يترافعون في لا قضية .
حدثت المعجزة بشكل ما ، وعلموا أن لا أحد يطالب بهذه الأحزاب المزعومة على أساس ديني ، وأن كل جعجعة الروزاليوسفيون والأهرامنجية والتليفزيونجية بتوع الريادة وحالة الحمار المتحرش ببنات لندن ... ما هي إلا حرق جاز على الفاضي ، وأن هناك تيار وطني يطالب بحقه في إنشاء حزب سياسي مدني يخضع لكافة الشروط التي ينص عليها قانون الأحزاب بمرجعية إسلامية متوافقة مع الدستور الذي يقرر الشريعة الإسلامية بأنها المصدر الرئيسي للتشريع في المادة الثانية التي يجمع عليها الغالبية العظمى من المصريين سواء كان هذا الحزب هو حزب الوسط أو الحزب المزمع تقدمه ببرنامج معلن عن جماعة الإخوان المسلمين أو غيرهم ، كغيرهم ممن اختار ماركس كمرجعية ويرتدون تيشيرتات تملؤها صورة جيفارا وما زالوا يتلقون العزاء فيه ويغنون على روحه جيفارا مات ، أو من اتخذوا عبد الناصر كمرجعية أو الليبرالية كمرجعية أو ..... إلى آخر هذه المرجعيات التي لا يمثلها إلا نخبويون مازالوا يكافحون مع جيفارا ( غناءً ) في الغابات أو يعيشون مع أحلام عبد الناصر في الخمسينات أو يتمسحون بأمجاد الاستقلال التام أو الموت الزؤام ونموت نموت ويحيا سعد ، ويستكثرون على غالبية الشعب أن يمثله أحزاب بمرجعية إسلامية ودستورية تعبر عن آماله ومبادئه وثقافته الجمعية .
فكان المأزق الذي لم يجد النظام أي مخرج منه ولو بحكمة مفتعلة ـ يدعيها منظريه عديمي النظر ورجاله بلاستيكيو الوجوه أمثال هلال وشهاب ـ إلا الصلف المدهش المذكور أعلاه ، وقد استخدم هذا النظام الأعجوبة طريقة يمكن أن تسمى طريقة ( ولو دا بُعدك ) حيث أضاف لأسباب المنع اتخاذ المرجعية الدينية ، لا مبالياً بالدستور الذي يقر بغير ذلك ومتحدياً لأعرض قطاع من الشعب ومعارضا للمنطق والعقل ، وانقطع عن كل هذه المفردات التي لا يراها ولا تهمه ، واكتفى بمفردة واحدة ووحيدة وهي الأمن فقط ، وبالاطمئنان إلى أن جنود الأمن المركزي يدبون بأرجلهم ويطلقون صيحاتهم المرعبة وعلى أهبة الاستعداد في انتظار الأمر بكلمة هجوووووووم .
هل هذا معقول ، هل هذه هي أزهى ( عصوو الديمقواطية الصفوتية ) وأزهى عصور الدساتير ( الإجماعية الفتحي سرورية ) ، أي كابوس طويل هذا الذي لا ينتهي ، هل شهوة السلطة في هذا البلد ساحرة وآسرة إلى هذا الحد الذي لا يرى فيه أصحابها أي شيء آخر إلا التشبث المميت بها لآخر نفس يتردد لترثها أنفاس الأبناء والأحفاد وتنقطع أنفاسنا نحن.
لو أن أحدهم تقدم للحصول على ترخيص لحزب مرجعيته أبي لهب ليمارس النشاط الحزبي في بر مصر شعاره أذكروا محمداً بسوء بمسماه المعاصر وهو حرية الإبداع ، ويدعو في برنامجه لإباحة نشاط صاحبات الرايات الحمر المتنكر بمسمى المنتجعات السياحة والملاهي الليلية ، والمطالبة بحصار التيار الإسلامي في شِعب الإرهابيين فلا يوظفون ولا يُرشحون ويطاردون وتصادر أموالهم ومن السفر يمنعون ويعتقلون وبالمحاكم العسكرية يحاكمون ويتم بالدستور ضربهم ضربة رجل واحد فتتفرق دمائهم بين مواد الدستور المسنون والمسموم .
ترى لو كان مثل هذا الحزب طلب الترخيص من لجنة الأحزاب التي ورثها صفوت الشريف من جدو الباشا في إحدى مشاهد الكوميديا السياسية السوداء كقرن الخروب هو الخصم والحكم فيها .. هل يرخص لها ؟؟؟؟؟؟
سؤال ساذج جدا ..... فقد سُمح للحزب بالفعل ، ومنذ زمن ، ويمارس نشاطه بفشل منقطع النظير بمسمى الحزب الوطني الديمقراطي .