شعر : أحمد مـطــر
إذَنْ..
هذا هو النَّغْلُ الذّي
جادَتْ به «صَبحَهْ»
وأَلقَتْ مِن مَظالمِهِ
على وَجْهِ الحِمى ليلاً
تَعذَّرَ أن نَرى صُبْحَهْ
تَرامى في نهايَتهِ
على مَرمى بدايتهِ
كضَبْعٍ أَجرَبٍ.. يُؤسي
بِقَيحِ لِسانهِ قَيحَهْ!
إذَنْ.. هذا أخو القَعقاعِ
يَستخفي بِقاعِ القاعِ
خَوْفًا مِن صَدَى الصّيَحهْ!
وَخَوفَ النَّحْرِ
يَستكفي بِسُكنى فَتحةٍ كالقَبْرِ
مَذعورا
وَقد كانَتْ جَماجِمُ أهلِنا صَرْحَهْ
وَمِن أعماقِ فَتحتهِ
يُجَرُّ بزَيفِ لِحيَتهِ
لِيَدخُلَ مُعْجَمَ التاريخِ.. نَصّاباً
عَلامَةُ جَرِّهِ الفَتحَهْ!
إذَنْ.. هذا الذي
صَبَّ الرَّدى مِن فَوقِنا صَبّاً
وَسَمّى نَفسَهُ ربّاً..
يَبولُ بثَوبهِ رُعْباً
وَيمسَحُ نَعْلَ آسِرهِ
بِذُلَّةِ شُفْرِ خِنجَرِهِ
وَيركَعُ طالِباً صَفحَهْ!
وَيَرجو عَدْلَ مَحكمةٍ..
وكانَ تَنَهُّدُ المَحزونِ
في قانونهِ: جُنحَهْ!
وَحُكْمُ المَوتِ مقروناً
بِضِحْكِ المَرءِ لِلمُزحَهْ!
إذَنْ.. هذا هُوَ المغرورُ بالدُّنيا
هَوَى لِلدَّرْكةِ الدُّنيا
ذَليلاً، خاسِئاً، خَطِلاً
يَعاف الجُبنُ مَرأى جُبنِهِ خَجَلاً
وَيَلعَنُ قُبحُهُ قُبحَهْ!
إلهي قَوِّنا.. كَي نَحتوي فَرَحاً
أَتَى أَعْتى مِنَ الطُّوفانِ
أكبرَ مِن صُكوكِ دمائنا المُلقاةِ
في أيدي بَني «القَحّهْ».
عِصابةِ «حاملي الأقدامِ»
مَن حَفروا بِسُمِّ «وسائلِ الإعدامِ»
باسْمِ العُرْبِ والإسلامِ
في قَلبِ الهُدى قُرحَهْ.
وَصاغُوا لَوحةً للمَجدِ في بَغدادْ
بِريشةِ رِشوَةِ الجلادْ
وقالوا للوَرى: كونوا فِدى اللّوحَهْ!
وَجُودُوا بالدَّمِ الغالي
لكي يَستكمِلَ الجزّارُ
ما لَمْ يستَطِعْ سَفحَهْ!
ومُدّوا نَحْرَكُمْ.. حتّى
يُعاوِدَ، إن أتى، ذَبحَهْ!
أيا أَوغاد..
هل نَبني عَلَيْنا مأتماً
في ساعةِ الميلادْ؟!
وَهَلْ نأسى لِعاهِرةٍ
لأَنَّ غَريمَها القَوّادْ؟!
وَهَلْ نبكي لِكَلْبِ الصَّيدِ
إنْ أَوْدَى بهِ الصَّيادْ؟!
ذَبَحْنا العُمْرَ كُلَّ العُمرِ
قُرباناً لِطَيحَتهِ..
وَحانَ اليومَ أن نَسمو
لِنَلثُمَ هامَةَ الطّيْحَهْ!
وأظمَأْنا مآقينا
بنارِ السّجنِ والمنفى
لكي نُروي الصّدى مِن هذه اللّمحَهْ.
خُذوا النّغْلَ الّذي هِمْتُمْ بهِ
مِنّا لكُمْ مِنحَهْ.
خُذوهُ لِدائِكُمْ صِحّهْ!
أَعِدُّوا مِنهُ أدوِيَةً
لقطْعِ النّسْلِ
أَو شَمْعاً لِكَتْم القَولِ
أو حَبّاً لمنع الأكْلِ
أو شُرْباً يُقوِّي حِدّةَ الذّبْحَهْ!
شَرَحْنا مِن مِزايا النّغْلِ ما يكفي
فإن لم تفهموا مِنّا
خُذُوهُ.. لِتَفهموا شَرحَهْ.
وَخَلُّونا نَموتُ بِبُعْدِهِ.. فَرَحاً
وبالعَبَراتِ نَقْلِبُ فَوقَهُ الصّفحَهْ.
وَنَترُكُ بَعْدَهُ الصّفحاتِ فارغةً
لِتَكتُبَنا
وَتكتُبَ نَفْسَها الفرحَهْ!
أقوى مِن أذَى الجيرانِ